responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 4  صفحة : 68
[سُورَة آل عمرَان (3) : آيَة 120]
إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِها وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120)
إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِها.
زَادَ اللَّهُ كَشْفًا لِمَا فِي صُدُورِهِمْ بِقَوْلِهِ: إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ أَيْ تُصِبْكُمْ حَسَنَةٌ وَالْمَسُّ الْإِصَابَةُ، وَلَا يَخْتَصُّ أَحَدُهُمَا بِالْخَيْرِ وَالْآخَرُ بِالشَّرِّ، فَالتَّعْبِيرُ بِأَحَدِهِمَا فِي جَانِبِ الْحَسَنَةِ، وَبِالْآخَرِ فِي جَانِبِ السَّيِّئَةِ، تَفَنُّنٌ، وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى: كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [275] .
وَالْحَسَنَةُ وَالسَّيِّئَةُ هُنَا الْحَادِثَةُ أَوِ الْحَالَةُ الَّتِي تَحْسُنُ عِنْدَ صَاحِبِهَا أَوْ تَسُوءُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِمَا هُنَا الِاصْطِلَاحَ الشَّرْعِيَّ.
وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ.
أَرْشَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى كَيْفِيَّةِ تَلَقِّي أَذَى الْعَدُوِّ: بِأَنْ يَتَلَقَّوْهُ بِالصَّبْرِ وَالْحَذَرِ، وَعَبَّرَ عَنِ الْحَذَرِ بِالِاتِّقَاءِ أَيِ اتِّقَاءَ كَيْدِهِمْ وَخِدَاعِهِمْ، وَقَوْلِهِ لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً أَيْ بِذَلِكَ يَنْتَفِي الضُّرُّ كُلُّهُ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ فِي أَوَّلِ الْآيَاتِ أَنَّهُمْ لَا يَضُرُّونَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَّا أَذًى، فَالْأَذَى ضُرٌّ خَفِيفٌ، فَلَمَّا انْتَفَى الضُّرُّ الْأَعْظَمُ الَّذِي يُحْتَاجُ فِي دَفْعِهِ إِلَى شَدِيدِ مقاومة من الْقِتَال وَحِرَاسَةٍ وَإِنْفَاقٍ، كَانَ انْتِفَاءُ مَا بَقِيَ مِنَ الضُّرِّ هَيِّنًا، وَذَلِكَ بِالصَّبْرِ عَلَى الْأَذَى، وَقِلَّةِ الِاكْتِرَاثِ بِهِ، مَعَ الْحَذَرِ مِنْهُمْ أَنْ يَتَوَسَّلُوا بِذَلِكَ الْأَذَى إِلَى مَا يُوصِلُ ضُرًّا عَظِيمًا.
وَفِي الْحَدِيثِ: «لَا أَحَدَ أَصْبَرُ عَلَى أَذًى يَسْمَعُهُ مِنَ اللَّهِ يَدْعُونَ لَهُ نِدًّا وَهُوَ يَرْزُقُهُمْ» .
وَقَرَأَ نَافِعٌ، وَابْنُ كَثِيرٍ، وَأَبُو عَمْرٍو، وَيَعْقُوبُ: لَا يَضُرُّكُمْ- بِكَسْرِ الضَّادِ وَسُكُونِ الرَّاءِ- مِنْ ضَارَهُ يَضِيرُهُ بِمَعْنَى أَضَرَّهُ. وَقَرَأَهُ ابْنُ عَامِرٍ، وَحَمْزَةُ، وَعَاصِمٌ، وَالْكِسَائِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ، وَخَلَفٌ- بِضَمِّ الضَّادِ

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 4  صفحة : 68
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست